فصل: تفسير الآيات (103- 104):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآية رقم (94):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94)}
قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُم فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُواْ}.
الآية. قيل إنها نزلت في رجل كانت معه غُنَيْمَاتُ لقيته سريَّة لرسول الله صلى الله عليهم وسلم، فقال لهم: السلام عليكم لا إله إلا الله محمد رسول الله، فبدر إليه بعضهم فقتله، فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: «لِمَ قَتَلْتَهُ وَقَدْ أَسْلَمَ» قال إنما قالها تعوذاً، قال: «هَلاَّ شَقَقْتَ عَن قَلْبِهِ» ثم حمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ديته إلى أهله وردّ عليهم غنمه.
واختلف في قاتله على خمسة أقاويل:
أحدها: أنه أسامة بن زيد، وهو قول السدي.
والثاني: أنه المقداد، وهو قول سعيد ابن جبير.
والثالث: أبو الدرداء، وهو قول ابن زيد.
والرابع: عامر بن الأضبط الأشجعي، وهو قول ابن عمر.
والخامس: هو محلِّم بن جثامة الليثي. ويقال إن القاتل لفظته الأرض ثلاث مرات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الأَرْضَ لَتَقْبَلُ مَنْ هُوَ شَرٌ مِّنهُ وَلَكنَّ اللَّهَ جَعَلهُ لَكُم عِبْرَةً، ثُمَّ أَمَرَ بِأَن تُلْقْى عَلَيهِ الحِجَاَرةُ».
{كَذَلِكَ كنتُم مِّن قَبْلُ} أي كفاراً مثلهم.
{فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ} يعني بالإسلام.

.تفسير الآيات (95- 100):

{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (95) دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (96) إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99) وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100)}
قوله تعالى: {وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً}.
في المراغم خمسة تأويلات:
أحدها: أنه المتحوَّل من أرض إلى أرض، وهذا قول ابن عباس والضحاك. ومنه قول نابغة بني جعدة:
كطْودٍ يُلاذ بأركانه ** عزيز المراغم والمطلب

والثاني: مطلب المعيشة، وهو قول السدي، ومنه قول الشاعر:
إلى بلدٍ غير داني المحل ** بَعيد المُراغم والمطلب

والثالث: أن المراغم المهاجر، وهو قول ابن زيد:
والرابع: يعني بالمراغم مندوحة عما يكره.
والخامس: أن يجد ما يرغمهم به، لأن كل من شخص عن قومه رغبة عنهم فقد أرغمهم، وهذا قول بعض البصريين.
وأصل ذلك الرغم وهو الذل. والرّغام: التراب لأنه ذليل، والرُّغام بضم الراء ما يسيل من الأنف.
وفي قوله تعالى: {وَسَعَةً} ثلاث تأويلات:
أحدها: سعة في الرزق وهو قول ابن عباس.
والثاني: يعني من الضلالة إلى الهدى ومن العيلة إلى الغنى، وهو قول قتادة.
والثالث: سعة في إظهار الدين.

.تفسير الآية رقم (101):

{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (101)}
قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُم فِي الأَرْضِ} أي سرتم، لأنه يضرب الأرض برجله في سيره كضربه بيده، ولذلك سُمِّيَ السفر في الأرض ضَرْباً.
{فَلَيسَ عَلَيكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِن الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} اختلف في هذا القصر المشروط بالخوف على قولين:
أحدهما: أنه قَصَرَ أركانها إذا خاف، مع استيفاء أعدادها فيصلي عند المسايفة والتحام القتال كيف أمكنه قائماً وقاعداً ومومياً، وهي مثل قوله: {فَإِنْ خِفْتُمْ فِرجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} [البقرة: 239] وهذا قول ابن عباس.
والثاني: أنه قصر أعدادها من أربع إلى ما دونها، وفيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن هذا مشروط بالخوف من أربع إلى ركعتين، فإن كان آمناً مقيماً لم يقصر، وهذا قول سعد بن أبي وقاص، وداود بن علي.
والثاني: أنه قَصْران، فقصر الأمَنْ، من الأربع إلى ركعتين، وقصر الخوف من ركعتين إلى ركعة، وهذا قول جابر بن عبد الله والحسن. وقد روى مجاهد عن ابن عباس قال: فرض الله عز وجل على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعاً وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة.
والثالث: أنه يقصر في سفر خائفاً وآمناً من أربع إلى ركعتين لا غير.
روي عن أبي أيوب عن علي عليه السلام قال: سأل قوم من التجار رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول إنا نضرب في الأرض فكيف نصلي؟ فأنزل الله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِن الصَّلاَةِ} ثم انقطع الوحي، فلما كان بعد ذلك بحول غزا النبي صلى الله عليه وسلم فصلى الظهر، فقال المشركون: لقد أمكنكم محمد وأصحابه من ظهورهم هلاّ شددتم عليهم؟ فقال قائل منهم: إن لهم أُخرى مثلها في أثرها، فأنزل الله تعالى بين الصلاتين {إِن خِفْتُم أَن يَفْتِنَكُم الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُم عَدُوّاً مُبِيْناً} إلى قوله: {عَذَاباً مُّهِيناً} فنزلت صلاة الخوف.

.تفسير الآية رقم (102):

{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102)}
قوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِم فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ} وهذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي في الخوف بأصحابه. واختلف أهل العلم فيه هل خص به النبي صلى الله عليه وسلم؟ على قولين:
أحدهما: أنه خاص له وليس لغيره من أمته أن يصلي في الخوف كصلاته، لأن المشركين عزموا على الإيقاع بالمسلمين إذا اشتغلوا بصلاتهم، فاطلع الله نبيه على سرائرهم وأمره بالتحرز منهم، فكان ذلك سبب إسلام خالد بن الوليد، فلذلك صار هذا خاصاً للنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا القول محكي عن أبي يوسف.
والقول الثاني: أن ذلك عام للنبي صلى الله عليه وسلم ولغيره من أمته إذا كان على مثل حاله في خوفه، لأن ذكر السبب الذي هو الخوف يوجب حمله عليه متى وجد كما فعل الصحابة بعده حين خافوا وهو قول الجمهور.
وقوله تعالى: {فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ} يعني مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، وطائفة بإزاء العدو.
ثم قال تعالى: {وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ} فيه قولان:
أحدهما: أن المأمورين بأخذ السلاح هم الذين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا قول الشافعي.
والثاني: هم الذين بإزاء العدو يحرسون، وهذا قول ابن عباس.
ثم قال تعالى: {فَإِذَا سَجَدُواْ} يعني فإذا سجدت الطائفة التي معك في الصلاة.
{فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ} يعني بإزاء العدو.
واختلفوا في قوله تعالى: {مِن وَرَآئِكُمْ} هل ذلك بعد فراغهم من الصلاة وتمامها بالركعة التي أدركوها معه؟ على قولين:
أحدهما: قد تمت بالركعة حتى يصلوا معها بعد فراغ الإمام ركعة أخرى، وهذا قول من أوجب عليه الخوف ركعتين.
ومن قال بهذا اختلفوا هل يتمون الركعة الباقية عليهم قبل وقوفهم بإزاء العدو أو بعده؟ على قولين:
أحدهما: قبل وقوفهم بإزاء العدو، وهو قول الشافعي.
والثاني: بعده وهو قول أبي حنيفة.
ثم قال تعالى: {وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَك} يريد الطائفة التي بإزاء العدو تأتي فتصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الركعة التي بقيت عليه، وتمضي الطائفة التي صلّت فتقف موضعها بإزاء العدو. وإذا صلت مع النبي صلى الله عليه وسلم الركعة الباقية عليه ففيه قولان:
أحدهما: أن ذلك فرضها وتسلم بسلامه، وهذا قول من جعل فرضه في الخوف ركعة.
والقول الثاني: أن عليها ركعة أخرى، وهذا قول من جعل فرضه في الخوف ركعتين كالأمن، فعلى هذا متى تفارقه؟ فعلى قولين:
أحدهما: قبل تشهده.
والثاني: بعده، وقد روى القولين معاً سهل بن أبي حَثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهل تتم ركعتها الباقية وقوفها بإزاء العدو؟ على قولين:
أحدهما: تتمها قبل الوقوف بإزائه، وهو قول الشافعي.
والثاني: تقف بإزائه قبل إتمامها حتى إذا أتمت الطائفة الأولى ركعتها عادت فوقفت بإزاء العدو، ثم خرجت هذه فأتمت ركعتها، وهذا قول أبي حنيفة.
وهذه الصلاة هي نحو صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بذات الرقاع.

.تفسير الآيات (103- 104):

{فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103) وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (104)}
قوله تعالى: {فَإذَا قَضَيتُمُ الصَلاَّةَ فَاذْكُرُواْ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً} يعني ذكر الله بالتعظيم والتسبيح والتقديس بعد صلاته في خوفٍ وغيره: قال ابن عباس: لم يعذر أحد في تركه إلا مغلوباً على عقله.
{فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} فيه تأويلان:
أحدهما: يعني فإذا أقمتم بعد السفر فأتموا الصلاة من غير قصر، وهذا قول الحسن، وقتادة، ومجاهد.
والثاني: معناه فإذا أمِنْتم بعد خوفكم فأتموا الركوع والسجود من غير إيماء ولا مشي، وهذا قول السدي.
{إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً} فيه تأويلان:
أحدهما: أي فرضاً واجباً، وهو قول ابن عباس، والحسن.
والثاني: يعني مؤقتة في أوقاتها ونجومها، كلما مضى نجم جاء نجم، وهو قول ابن مسعود، وزيد بن أسلم.
{وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاءِ الْقَومِ} أي لا تضعفواْ في طلبهم لحربهم.
{إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ} أي ما أصابهم منكم فإنهم يألمون به كما تألمون بما أصابكم منهم.
ثم قال تعالى: {وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لاَ يَرْجُونَ} أي هذه زيادة لكم عليهم وفضيلة خُصِصْتُم بها دونهم مع التساوي في الألم.
وفي هذا الرجاء اثنان من التأويلات:
أحدهما: معناه أنكم ترجون من نصر الله ما لا يرجون.
والثاني: تخافون من الله لا يخافون، ومنه قوله تعالى: {مَا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ للهِ وَقَاراً} [نوح: 31] أي لا تخافون لله عظمة. ومنه قول الشاعر:
لا ترتجي حين تلاقي الذائدا ** أسبعةً لاقت معاً أم واحداً